الأربعاء، يناير 18، 2012

كوقع حافر غزالة على الرمل




أشيائي المسحوقة بعناية
التي تركتها .. ليلة أمس
على حانة الشك ...
لعلي .. أقول لعلي :
لن أرجع أذكرها مجدداً !.



* * *

يا إمام العصاة .. شيطان الذكر هذا الحرف ؛ المعلق بين مشانق الكلمات أكان لا بد من البرزخ الذائب بزئبق الحكاية ، هذا قبر أم نار وجهكِ يا حاملة مشاعل الروح ، اتركيني أعبر الليل الجنائزي ؛ كبومة نتف ريشها الرملي .
فيما هو يحدّثها، كان الداخل إلى الحكاية يغوص في الحروف ؛ كوقع حافر غزالة على الرمل ! ، بينما هي تنظر إلى سوءتها لعل طائر البقاء يذهب ذات لحظة وينتحر على موانئ ؛ لا زالت شواطئ الغياب تنحتها على رمل البصر .. آمين ، آمين يمر المطر غزيراً يذهب اليباس ويدر الضرع وينتصب العود ..! .

مقامة القرد ..يمر الفتى البض الساعدين ، مكتنز الشفتين ، أمرد كولدان الجنة ؛ يحمل إبريق القلب يسكب به العين على الجسد المهتز ، كروح تنتصر للبقاء ، بينما قرد صغير بحجم قبضة اليد ينفلت من رباط صاحبه يصرخُ ، فيما الصوت يرجع صادعاً كارتطام حجرين صلدين .

لون الماء المسكوب في ثناياكِ لا زال يجري بين كريات الدم المختمرة بالجنون والحب وخمر اللحظة ، لا زلتُ أبحث عن لون الماء بين أصابعكِ الشمعية ، وصدركِ المشرئب ، الذي طالما أبعدني بنفوره .. أيتها القاسية التفاصيل ..

فيما خلفته رياح القيامة ، نبشته قيامة الريح كان لا بد من الريح لتعبث بثيابنا المحترقة ، لترفرف بالهزيمة ، هذا النائم لا توقظوه الآن ، فلقد نام من الموت ، نعس على ساقية الفلج الملوثة بحفاضات البامبرز(pampers) . كانت أحلامه قريبة من التراب ، وصوت يجلجل في داخله ؛ مخافة أن يصحو ولا يجد نفسه ذات صباح ناعس .

باب النون الأول ذاك الباب الذي يومئ بالخروج ، كذبة عابرة كمدينته التي سكنها عنوة ؛ أظلافه مصنوعة من أشجار يانعة كانت تترنح بالريح .. ألا تسمعون صرير الباب يئن ؛ يتذكر وقفة أمه الشجرة ، وهي ترضع الحنان من الأرض ، بحلمة الوطن .

باب النون الثانية .. نورس مدهون ببياض فاقع ، كان النورس يجيد امتطاء الأمواج ، فيهزمها ؛ غافله البحر ذات غروب ودهنه بزبد البحر ، لا تقتربوا كثيراً من البحر قال النورس ، لا تكترثوا لكلام النورس ، قالها مسافر عابر ؛ نسي وطنه ذات ليل حالك .

حكاية المشي .. ذات ليلة ، كنت أدرب رجلاي على المشي ؛ في مقبرة قديمة ، سحجتُ شواهد الارتقاب التي كنتُ أخافها أن تنبجس دفعة واحدة ، رأيت على ضوء القمر المتسلل بعناية من وراء جبل صغير ، فراشة قابعة على شاهدة ، اقتربتُ أكثر ، لمستها بإصبعي السبابة فتفتت جسدها اليابس ، ركعتُ لكي أجمعها ، قرأتُ على الشاهدة مكتوب : مات قبل أن يتقن المشي في الطرقات الضيقة .

أنشودة الأبواب .. يا من تقفون على الأبواب أضلافها خدعة .. لا تلمسوها ، حتى لا تصر من وجع الدفع ؛ فوراء كل باب ألف باب ، أجساد تتلوى من لذة الوجع .
رأيتُ عجوزاً قارب السبعين يدعص بإصبعه ؛ التي تشبه رأس ضفدع ، يدعصها على وقع غزالة في الرمل ؛ فيشرخ الخوخة المزينة بزغب أحمر ، فينبجس الدم ، ليكحل به عينيه المرمدتين .. ليرتد بصيرا . خفت من وراء الأبواب ، كانت الطفلة تتلوى من اللذة فيما حلمتا نهديها تستنفران شبقاً ، كان نهداها منتصبين كقرني ثور ، صرّ الباب كثيراً هذا الليل ، بينما أذنايّ تريان ما لا تراه العين ، أخذت سناجب الوقت تقرصني حتى تنمل جسدي المنهك ..

أفيقوا يا عباد الله (جاء الصوت من بعيد) اتركوا هذا الخوف المنهك في أرواحنا ، دعوها تتنشف بضوء الشمس ، الغارق في العتمة ، مدن ضاعت في ثنايا القلب المشروخ بعناية .. مدني التي بنيتها قروناً ، صارت تسيح بماء الوقت وملح الأيام الذائب في زئبق الدم ، رائحة الصدأ الحديدي يزكم الأنف ، وأنا أفلي قمل الوجع من (رويسي) المثقل بالقمر الذبيح ، ما بالي أهرب من وجع إلى آخر !.
من هذا الذي يلتفت كثيراً ، ولا أراه ؛ يرسم مفاتيح أبوابي المغلقة في دمي ، لم أحظى منه سوى .. بصراصير توقظ رغبة البكاء ، لا يهم .. لا يهم أمضوا جميعكم ، وسأمضي ، أمهر أشيائي برائحة المطر وبعرق أنثى بجانب البحر .

الأربعاء، يناير 04، 2012

ثلاث صور








ثلاث صور يملؤها كائنان ، الّلذان يملآن الهوة السحيقة بين معنى الأشياء واللامعنى، يحاولان سد الفجوة العصية على التوقف في الاتساع ؛ لطبيعة في الطين المطبوخ في فرن الإله ،كل شيء جامد ما عدا العينين تتحركان في البحث عن زهرة الذنب الأولى التي اختفت بفعل فاعل!.

الصورة الأولى

على يمين الصورة تأتي العصفورة الأكبر، بؤبؤا عينيها مرتفعان، رغم أنها تنظر بارتفاع ساقط وكأنها من علو نتيجة أنها أنزلت رأسها قليلاً ، قََصة شعرها بالكاد تلامس جفنيها الرقيقين، شفتها السفلى تَضغطها الشفة العليا لتخرج صورة فمها الذي يشبه الجرح ؛ كفعل استهزائي بما يحدث أو لماذا يحدث ؟، يدها اليمنى تتكئ عليها بظاهر الكف ، وكأنها تخفي كفها المشوه الخطوط ، الخطوط الشاذة على القاعدة الطينية وكأنها تدرك أن هناك خطأ ما حدث! اليد اليسرى تختفي بينها وبين العصفورة الأصغر فلا يبين منها سوى ثلاثة أصابع ونصف ، الأذن اليمنى غابت عن سمع الصورة بينما اَرنبة أذنها اليسرى تختلس الظهور أسفل شعرها القصير .

وضع الجسد في الصورة غير متهيئ للمؤامرة التي تحاك لالتقاط للصورة، فيجئ الساقان ملتفين في أطرافهما بفعل علو الرِجل اليمنى على اليسرى ، الرِِجلان اللتين يمتطيان حذاءً بلون البحر ، تنحسر فردة السروال القطني على الرِجل اليسرى إلى ما بعد الركبة ، ويصل إلى منتصف الساق في الرجل اليمنى وكأن الوردة الخماسية الأوراق تصر على المشاركة ببقعتها السحابية.

ينبسط القميص بلون البراعم الصغيرة بأذنيه على كتفيها ؛ المساوي لهما بداية الزر الأول، والذي يشاركه زران آخران في التبرك بالجسد العصفوري الأكبر.
على يسار العصفورة أو حتى على يسار العصفورة الأكبر تتوثب العصفورة الأصغر ويظهر توثبها من أرنبة أنفها الكرزي ، شفتان بلون الكرز...


الصورة الثانية

في نفس المكان يقعيان لكنَّ بصريهما مفترقان ، العصفورة التي على اليسار تتكيء بيدها اليسرى فخذها الأيمن .
على الكرسي التي اعتمرته الزرقة،وبنقش مرجاني.ضاغطة على أصابعها حتى منبتهما،ما عدا الإبهام فهي هاربة باتجاه الجسد. اليد اليمنى وضعت أعلى الركبة بقليل. الإبهام مرة أخرى منفصلة الإتجاه عن باقي الأصابع؛التي لا تبان منهما سوى السبابة والوسطى، والاثنتان الأخريان؛اختفتا بين فخذي العصفورتين.
الرِجل اليمنى لا تتساوى مع اليسرى في مستوى الارتفاع؛فاليمنى ممتدة إلى الأسفل بشكل بارز، ويبين ظاهر القدم بشكل عمودي.

العصفورة الأولى التى تقعى على يمين الصورة،سارحة ببصرها باتجاه أفقي، وكأن شيئاً ما يحدث هناك!.
تتداخل أصابع يديها؛متشابكة،ما عدا الإبهامين فهما غير متشابكين؛بشكل قاطع.
تضع ساقها اليمنى على اليسرى من الأسفل، من منبت القدم؛لتظهر القدم اليسرى بشكل خجول، لا يكاد يظهر.

الصورة الثالثة

العصفورتان تكادان تتفقان على أن حدثاً ما؛يستحق المتابعة؛فنظرهما مصوب إلى أمام الصورة نحو الجهة اليمنى،ولكن النظرتين مختلفتان،فالعصفورة الأولى في اليمين،تضغط على شفتها العلوية بأسنانها؛دون أن تظهر الأسنان.
بؤبؤ العين اليمنى ليس في وسط العين تماماً،فهو يميل إلى اليسار،عكس بؤبؤ العين اليسرى؛فهو في المنتصف،مائلٌ إلى الأعلى. الغريب في الأمر أن العصفورة الأولى في اليمين تتكيء بظاهر يدها اليمنى، وتخفي يدها اليسرى،فلا يبين سوى ظفر الإبهام.

العصفورة الأخرى في اليسار،قبيل أن تحاول وضع كفيها على ركبتيها؛جمدت الصورة!،لتظهر كفها اليسرى نصف منبسطة أعلى الركبة. بينما كف اليمنى قد أمسكت جيداً بصابونة رجلها اليمنى.

نظرات العصفورة التي على اليسار توحي بحزن أقرب إلى البكاء،وذلك من خلال شفتيها المزمومتين وعينيها المبهورتين بفعل الحدث.
في هذه الصورة (الثالثة) شيء واحد اِتفقت عليه العصفورتان؛نظرتهما المرتابة،تجاه الحدث الحقيقي في الأمام.