الاثنين، أبريل 04، 2011

في ذم مليتوس


لارفينتوس لماذا يتعامل معك وكأنك تحمل تلك الرائحة المريبة ؛ بداية من عقيدتك وانتهاءً بكتابتك ووطنيتك ؟.

لارفينتوس أنت الذي تعرف الرعب المقدس ؛ كما عرّفه نيكوس كازانتزاكي ( في زوربا ) :

" بعض البشر ، ممن هم أشجعهم ، يصلون إلى حافة الورقة . ومن هناك ، ننحني ، وأعيننا جاحظة ، وآذاننا ممدودة ، لمحو الفراغ .ونرتعد ، إننا نخزر تحتنا الهوة المرعبة ، ونسمع من بعيد أكثر فأكثر حفيف أوراق الشجرة الهائلة الأخرى ، ونحس بالنسغ يصعد من جذور الشجرة ، وينتفخ قلبنا . وهكذا ، ونحن منحنون على الهاوية ، نأخذ بالارتعاد ، بكل جسدنا ، وبكل روحنا ، رعباً ، وبدءاً من تلك اللحظة يبدأ .." .

الخوف الوجودي يخلق الأفكار المتضاربة ويجعل من لارفينتوس كائناً مُريباً يشك في كل شيء حتى في ذاته .

ماذا تريد؟

وإلى أين يتجه؟

ويتعامل معه بصيغة الريبة ، وصيغة الإحباط.. وبصيغة أنه يخون أثينا .

ولكن لارفينتوس كائن وطني ، وطني جداً ..

هو ليس مصلحاً اجتماعياً ولا سياسياً ولا مُسيساً ( بكسر الياء) ولا مُسيساً ( بفتح الياء) ؛ بل لديه رؤية ومنظور تجاه العالم ، وما يحدث فيه من خراب اجتماعي وأخلاقي وبشري ( من خلال الحروب المبجلة بالدم لا بارك الله في صانعيها ) ، لهذا نجد لارفينتوس منزعجاً ومتبرماً من تصرفات بعض البشر ؛ من حواليه ..

تجده لذلك ينصت جيداً لداخله ليحافظ عليه من فوضى الخارج ، ويركز جيداً على نظرته ليخلق كيمياءه الخاصة تجاه العالم من حوله .. وما يحدث داخل الكون ، التي اختلطت فيه دماء المقتولين بالقتلة الظالمين ، وأنا أتكلم الآن عن الإنسان الكوني .. ليس في حيز مواربة أو بقعة أو تربة لا تعني لي شيئا ما ، ولكن في حيز المجتمع الإنساني وحتى في الشعوب والمجتمعات المتقدمة ؛ نجد تلك الريبة والنظرة المتربصة والقصيرة والضيّقة ، تجاه كائن وكأنه مخلوق ؛ جاء من المريخ يحمل أفكاراً ستهدم العالم ..وستخرب أخلاق الأخلاقيين ، تجاه ما يحدث الآن وما حدث في الماضي وما سيحدث غداًَ ، لذلك لا بد أن نجد السّذج والرعاع ، سنجدهم في كل تربة مليتوس البغيض ، الذي خرج من طبقة الرعاع ، ألّب الناس ضد سقراط (والذي أعدم بوشاية كائن ساذج) ؛ لا يحمل هماً للإنسانية سوى أنه لا تعجبه أفكار سقراط ولا أفكار مريديه ، ولأنه متهم بتخريب عقول الشباب .

لذا نسمع من يقول أن لغة لارفينتوس متعالية بتجديفه ، ويكتب لكائنات لا تسكن على تربتنا وكويكبنا ؛ ولا نفهمه ..

هل المطلوب من لارفينتوس أن يجمهر الناس في لحظة كتابته للوح ما ؟.

هل سيقول دلوني ماذا أكتب عنكم ويجثو على ركبتيه حتى تفهموا ما يقال ؟.

مروني ماذا تريدون أن أُدّوِنَ في ألواحي !.

من يحس بالوجع الذي ينتظر لارفينتوس من هؤلاء الناس ، الرعاع منهم ؛ واستخدمُ المصطلح لأني لم أجد كلمة أخرى استخدمها ، ربما لقصر معجمي اللغوي لا احفظ كلمة أكثر سوءاً ، لأني لم أتعلم في مدرسة أثينا سوى الاحترام وكلمة نعم ، والإنصات للآخرين .

الآخرون الذين لا بد أن نحبهم ؛ رغم أننا لسنا كذلك ! .

إذا أنا منزعج من بشر وكائنات لا أحبها كثيراً ، لذا أكتب هذا الكلام في لوحي .. وما أراه لا يعجبني البتة ، وعن الذين لا يحبهم سقراط .

بكل بساطة لأن هناك كائنات تشبه البغيض مليتوس ، الذي وشى بسقراط ، والآن أكرر اسمه لكي أفضحه كثيراً ، وليعرف ويظهر للناس أنه شخص سيء ، وبالأكيد أن الناس كلهم وأنا منهم ، لا نحب الأشخاص السيئين والمُحبِِّطين والهدامين .. والذي بسبب مليتوس أُعدم سقراط .

زوجة سقراط أجهشت بالبكاء ، ونتفت شعرها ومزقت ثيابها ، كانت تصرخ :

" آه يا زوجي ! هذه آخر مرة تتكلم وآخر مرة ترى فيها أصدقاءك!".

يا له من رعب يتحمله هذا المليتوس ؛ تجاه ما يحدث لــ لارفينتوس ؛ من آخرين أيضاً قُدّر لهم أن يتحكموا في فكره وجسده ، لكن حتماً ليس في روحه ..

يا مليتوس أنا أذمك كثيراً لأنك سيء وجبان ومتحامل ولا تحب الخير ..

أتعرف آخر ما قال سقراط ، كان مداناً بديك :

" كريتون ، في ذمتنا ديك لايسكولاب . ادفع له ثمنه دون نقاش ".

حتى وهو يموت لم يكن يفكر فيكَ يا مليتوس !.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق