ما حصل بالضبط هو أن عامر رجع إلى البيت قبل صلاة الظهر بنصف ساعة ، وعادة يرجع قبل الصلاة بربع ساعة . لاحظت زوجته ذلك فلم تشأ في البداية أن تسأله ، إلا عندما لاحظت أن الساعة تعدت الواحدة بدقيقة وفي هذا الوقت كان لا بد أن يكون في المسجد .تعودت ذلك منه،منذ زواجهما قبل عشرين عاماً.سألته:
- ألن تصلي الظهر ؟
لم يجبها ، ولكي يتجاهلها ويقنعها أنه لم يسمعها؛ أغمض عينيه ، فأردفت عليه السؤال بصيغة أخرى :
- ألن تذهب للصلاة ؟
- متضايق..
غرق في ما رآه الليلة الفائتة في حلمه وأخذ يستعيده جيداً لعلّ تفكيره يوصله تفكيره إلى معنى يفضي لتفسير الحلم ، أخذ يتهجى الحلم بصوت خفيض: كنت أمشي في واد وأضع بذوراً فيه وحين انتهي من نثرها تنبت وتنمو وتثمر في نفس اللحظة ، ثم ينقطع الحلم ..
أقلق المرأة حالة زوجها ، فقررت أن تخاطبه بعد الغداء قبل أخذ قيلولته،سوف تداعبه وتمسد على ظهره وتقبله ؛ وتضع رأسه على صدرها ، وستسأله حينها عما يشغل باله .
تناول عامر الغداء دون أن ينبس ببنت كلمة ، حتى أنه لم يرفع بصره عن صحن الأرز الذي أمامه ، وحاولت زوجته أن تخرجه من صمته الذي أصبح ينمو بداخلها على شكل بذرة مقلقة .
- ألن تتكلم؟. قالت.
بدا لها،وكأنه يهم أن يجيب ولكنه لم يستطع أن يجيبها ، وهي بدورها لم تحاول أن تكرر له الكلام.
حاول أن يفتعل النوم.تململ في فراشه. ما يقلقه ليس الحلم بحد ذاته،بل أن ينام ويأتيه الحلم مرة أخرى، وفي نفس الوقت،أحس بإعياء نفسي يكبر في داخله.
بعد مكابدة ما يقارب ساعة؛أحس عامر، أن النوم بدأ بالتسلل إلى عينيه؛حتى تطابق الجفنان.كان يمشي في واد ويضع بذوراً فيه ،وحين انتهى من نثرها،نبتت ونمت واينعت؛رؤوس صغيرة لأجنة لا تتحرك.
ما أقساك !!
ردحذفالأطلال: الحياة أكثر قسوة من الأدب!
ردحذفشكرا على مرورك