هذا الفجر المنتحر ؛ في بداية يوم يجيء باكياً بالمطر ، لا أعلم لماذا عندما تبكي السماء ؛ يجيء السيّاب وأطفال من الكلمات الضاحكة المحزنة. فارقني النوم عندما تكتك المطر على جهاز التكييف كأم توقظ طفلها الوحيد...
تك .. تك .. تك
* * *
يا أيتها السماء الجميلة فلتغسليني ببكائك العذب .
* * *
أضطجعُ ، فيزداد البرق لمعاناً بين النخيل فتستبانُ سعفات النخيل ؛ كإبط امرأة مدهون بالزيت ، سرعان ما يختفي ... أسّمر عينيّ على النافذة لعل اللحظة تتكرر ، فتصفق الريح باب الغرفة ؛ الذي تركته مفتوحاً لامرأة أنتظرها منذ قرن ..!!.
* * *
(يخشخش) اسم السيّاب في ذاكرتي ، كنت أتمنى أن أقرأ قصيدته : أنشودة المطر ، ليجيئا مترادفين .
* * *
بدأ المزراب يمتلئ ، أصغيتُ كثيرا للماء وهو ينزل منه ، فيجيء كحصان يبول ، أخاله سينقطع بعد ثواني لكنه يستمر ، فلا تكتمل الصورة في رأسي .
* * *
ما أجمل هذا الفجر المملوء بالميلاد المذيل بالموت الرديء؛ الذي لم أنتظره أبداً على مشارف السماء الماطرة.
* * *
يتسلل ضوء المسجد من بين قامات النخيل المنتعشة بالفجر ، كان الضوء يصلني متشظياً ؛ كحزمة من نيازك تنتحر، أحاول قدر الإمكان أن أجمعه.( يطرطش) الماء أسفل البيت ، وهو يسقط مترنحاً على الطين ...
* * *
كانت النخيل تمتد في فضاء من الرغبة لتعانق السماء ، أظن أن المطر غافلها ذات لحظة وأفشى لها بإشاعة ؛ أن في السماء بقاء أكثر ، لم تفطن . إن كان كذلك لماذا يسافر هذا الماء باتجاه الأسفل الطيني ؟! أظنها فكرة مشوشة كزجاجة تراكم عليها التراب .
* * *
ضوء المصباح الشاحب يربك اللحظة وينازعها البقاء بهدوء ، ضوؤه يجيء جنائزياً مائلاً إلى الصفرة ؛ كوجنتي طفل يحتضر .. لا زال المطر (يطرطش) وهو يصطدم بالأرض الحبلى بالماء والخصب هذي اللحظة .
* * *
صوت المؤذن يجاهد بين صوت المطر ، فيجيء محمّلاً بالفجيعة ؛ كحيوان داهمه الموت وهو يعدو . يختفي قليلاً فيظهر الصوت ثانية ، وفجأة يشتعل الفضاء بأصوات المؤذنين ، ويلتمع البرق ..يتمسرح الوجود بأكمله. يقتفي سمعي صوت ديك الجيران ، يجيء ويذهب أيضاً مع صوت المطر المبلل بضوء الصبح ؛ الذي بدأ يغزو الكائنات فيزعجها بحضوره المفاجئ .
الوصف بجد بجد بجد اكثر من رائع
ردحذفما عارف اقولك ايش الصراحه لكن اكتر حاجه عجبتنى بجد(((يا أيتها السماء الجميلة فلتغسليني ببكائك العذب ...)))
كلمات معبره ورائعه ... انت كاتب وقاص بمعنى الكلمه ...
فكلماتك لا تحتاج ابدا لنقد لانك تدرك معانيها جيدا ... وترقى باسلوبك لاعلى ...
اشكرك وتقبلى منى خالص تحياتى لعلها توفيك ما
ابدعت فى كلماتك ..
خالد الشعيلي
العزيز الرائع خالد الشعيلي
ردحذفجميل أن اراك هنا
وشكرا على الإطراء
تبقى في القلب والروح
مع الود
خطاب، بدأت أشعر بأنك أب روحي لأبجدية وحيدة لا تتناسل إلا على فراش ورقك!!
ردحذفأي كون هذا الذي خلقته هنا بسماء باكية وأرض يضرب صدرها المطر! كيف لك أن تربك الشعور بهذا المزج الذكي الإستثنائي بين صوت المطر والأذان والديك والكائنات أجمع!
عتبي عليك في جملة لو لم تكن موجودة لاكتمل بهاء نصك وأناقته حد التخمة (فيجيء كحصان يبول)! في ذائقتي هذه الجملة الصغيرة شوهت فقرة نصك المترف!
امنياتي
سيمياء الروح: تشكرات
ردحذفلم تقول أني شوهت بصورة"فيجيء كحصان يبول": هنا خرجت الصورة كما تخيلها الكاتب آن اللحظة،لعل القبيح يأتي حتى نرى باقي الجمال؛كحضورك هنا.
يا أيتها السماء الجميلة فلتغسليني ببكائك العذب ...
ردحذفرائع يا خطاب أحب كتاباتك كثير جداا :)
.. هل لي بسؤال .. مااسم أفضل كتاب قرأته ؟
شكرا لكَ/لكِ ...
ردحذفارفعُ قبعتي ... واركض فرحاً كطفل فرح بالمطر؛ بمرورك هنااااااااااااااااااااااااااا
كتب كثيرة مرت على بصري وبصيرتي...
لعل " زوربا " أقرب إلى الروح
شكراً واجد!!!
^_^ بل أنا أكثر سعادة يا خطاب ..
حذفزوربا .. إذا ستكون رواية الصيف .. شكرا لك :)
كتاباتك مليئة بالخيالات ، لذا هي ملجأً لي من ضغوطات الحياة :)
شكرا أكثر :)
وهل لنا غير الخيال منقذا.....
ردحذفإذا سيكون صيفا راقصا بالكلمات والحكمة والبلاغة..
بالتوفيق
تشكرات أيها الخطّاب المزروعي..
ردحذفأود شكرك حقاً على كتاباتك المبدعة وحقاً قد قرأت أحد كتبك الذي كنتَ قد أهديته لوالدي من قبل
تقبل مروري ,, المزروعية
يبدو من أسلوبكِ في الكتابة أنني أعرفكِ
حذفشكرا لكِ أختي (المزروعية)
ردحذفأتمنى أن أكون دائما عند ذوق القاريء
أبدعت بنثرك
ردحذفلدي سؤال اذا كان من الممكن,
كيف يمكنك ربط التشبيهات بواقع الحياة ؟؟
أخوك في الله
و بالتوفيق
مرحبا (( أخوك في الله))
ردحذفممكن بالطبع..إن كنت تقصد الصورة!
هي تأتي منثابة مع السياق (وهي من السهل الممتنع، لأنه قد تجيء الصورة/التشبيهات متكلفة) لتقريب الصورة الواقعية ولكن بشكل أدبي/فني، تسهل على المتلقي تقريب الحدث.
شاكر مرورك الكريم