الأحد، نوفمبر 20، 2011

حَشرة اَلذَاكِرة

الحياة حشرة مؤذية . يتعثر نظري بوجوه بائسة لا تحفز على الحياة ؛ كل شيء ممل حتى الغثيان . الماء الملون مفيد معظم الأوقات يُذهب الوحشة من الروح ويقوي القلب عن الجزع ويفتح البصيرة في الضيق .

داهمني ليلة البارحة صوت أنثى .. صوت أنثى عراقية ؛ فخرم روحي أحسست بالوجع من فرط اللذة ، بكيتُ وأنا أشاهد هيولى وجهها في متنزه الذاكرة .

هاليلويا هاليلويا .. أيها الصباح اللزج ؛يا للصوت الذي قضم سمعي حتى تنمل ، يا أيتها العابرة في ذاكرة التفاح يا طعم الثلج في دمشق .... يؤذيني التذكر يجعل الروح قملة مؤذية .

واحد اثنين ثلاثة ؛ هوب ! .

ستجد نفسك أيها الحشرة ؛ محصوراً بين الرمل والرمل ، لا يجدي ما تحمله في الذاكرة من موسيقى ومشاهد مدهشة؛ بالعكس ستؤذيك .. ستحس بالوجع ، سيؤذيك التذكر .. ستنهال عليك الصور الأخرى التي تحملها كتمائم عالقة على لوح صدرك ، ستتذكر أيضاً أول شفة قبلتها وأول نهد لمسته يدك المرتعشة .. يا للغبار المغير الغابر – ستهذيء ، هكذا وأنت تتذكر المطر ، وصوت المطر وطعم المطر في الشتاء وأنت تختنق برائحة السبخة العطنة التي تمتص دهن جسدك الذابل والمنصهر في ثنايا الأرض الدبقة .

ستمر الحشرة على جزيئات الجمجمة وستتهتك تحت دبيبها ؛ شرايينك المتخثرة ..

لا يوجعني الآن سوى صوت الأنثى العراقية يا لوجهها الذي لم أشاهده جيداً ..في تلك الليلة ، يا لصوتها الذي فجر الماء الزلال في يباب المحنة وقفر الوجوه البائسة ، سأمر بهذه الحشرة التي تأكل رأسي رويداً رويداً ..

سأمر لأرتمي في نهر فراتكِ لأغرق للأبد .. سألقم حلمتكِ الطرية كثمرة فرصاد ناضجة في فجر شتائي .

سأعفر على الذاكرة حشرتها ؛ الحاشرة ،الحشورة، المحشورة..!.

هناك تعليقان (2):

  1. سيمياء الروح22 نوفمبر 2011 في 6:26 م

    الذكريات كائن يتبختر على ذاكرة معطوبة بـ الغياب!
    يا نبي الحرف المرسل من فردوس غائب
    صخب ابجديتك يوقظ حرفي ليرقص على اطراف نصك
    ودي العالي

    ردحذف
  2. سيمياء الروح:يا عِلم الدلالات والروح..شكرا للوصول إلى الصدمة والغرف والضيقة...روح الطلع كلامك،ونضيد حرفك أزهر في الثنايا مفجراً نهر الكلام وشاعت رائحته في مجرى الحرف كصبية تغتسل أعلى المجرى.....
    "محبات" بامتداد البحر

    ردحذف